*
الثلاثاء: 11 فبراير 2025
  • 11 فبراير 2025
  • 14:42
من الاستعلاء الرقمي إلى الاحترام: كيف نغيّر ثقافة الحوار؟
الكاتب: سالي الاسعد

بات “الاستعلاء الرقمي” أحد أبرز آفات العصر، حيث تحوّلت منصات التواصل الاجتماعي من مساحات للحوار إلى ساحات لجروب كلامية  لإبراز التفوق الفكري المزعوم. 


واستُبدل  النقاش البنّاء، بالاستعلاء والسخرية والاستهزاء بالآراء المخالفة، لا بهدف الإثراء، بل لإثبات أنهم الأكثر فهماً ووعياً، وكأن احترام التنوع الفكري أصبح ترفاً لا يستحقه الجميع.

 

هذه الظاهرة لا تقتصر على اختلاف وجهات النظر، بل تعزز عقلية الإقصاء، حيث يُهاجم أي رأي غير مألوف وكأنه تهديد شخصي. وقد يصل الأمر إلى السبّ والشتم في غياب تام لمبدأ تقبّل الرأي الآخر، وكأن الهدف لم يعد مناقشة الأفكار، بل سحقها. 

 

وفقًا لدراسة أجرتها Pew Research عام 2023، فإن 41% من مستخدمي الإنترنت تعرضوا لشكل من أشكال التنمر الإلكتروني بسبب آرائهم، ما يعكس تصاعد هذه الظاهرة وتأثيرها السلبي على بيئة الحوار.

 

لا يتوقف الاستعلاء الرقمي عند الاستخفاف بالآراء، بل يمتد ليشمل التمييز والإقصاء، خاصة ضد المرأة. … فبعض المعلقين لا يعترضون على الأفكار التي تطرحها سيدات لضعفها، بل فقط لأن صاحبتها امرأة، وكأن الفكر الجاد محصور في نطاق ذكوري. 

 

في المقابل، هناك اتجاه آخر لا يقل تطرفًا، حيث تلجأ بعض النسويات إلى الحدة في النقاش و تعميم اللوم على جميع الرجال، محمّلينهم مسؤولية كل خلل مجتمعي باستعلاء منفر  لا يخدم قضايا المرأة، بل يخلق استقطابًا وعداءً، وينفّر الكثير من الداعمين الحقيقيين للحراك الحقوقي.

 

من هنا جاءت فكرتي هل هناك وسيلة تساعدنا في التطوير  الايجابي لثقافة الحوار 

 

اذ لا يمكن لمجتمع أن يتطور وسط المناخ المشحون، والاستقطاب انما بالحوار الصحي المستند إلى احترام التنوع والاستماع بعقلانية .. فالقوة الفكرية لا تُقاس بالصوت الأعلى، بل بالقدرة على التحليل والنقاش الحضاري. 

 


ولمواجهة الاستعلاء الرقمي بحزم وذكاء، إليك عزيزي القاريء بعض الخطوات الفعالة:

 

1.حافظ على كرامتك – لا تسمح لأحد أن يقلل من قيمتك، استجب بثقة دون انفعال.

 

2.استخدم الردود الذكية – ناقش بالمنطق بدلًا من الانجرار إلى مهاترات عقيمة.

 

3.ضع حدودًا واضحة – إذا تحول النقاش إلى سخرية شخصية، انسحب أو تجاهل المتعالي.

 

4.استعن بوسائل الحماية – لا تتردد في استخدام الحظر أو الإبلاغ إذا استمر الأذى.


5.اختر معاركك بحكمة – ليس كل نقاش يستحق الرد؛ التجاهل قد يكون أقوى من الجدال.


في النهاية، يبقى الاحترام هو أساس أي حوار راقٍ، وأي مجتمع يسعى للتقدم لا بد أن يتبنى ثقافة الحوار الناضج، حيث تُناقش الأفكار لا تُهاجم، ويُحترم التنوع بدلاً من إقصائه.

مواضيع قد تعجبك