خبرني - يواجه ما يقرب من 70 مليون شخص اضطرابات نوم مزمنة، وهو ما قد يزيد من مخاطر المشكلات الصحية، بما في ذلك التدهور المعرفي والخرف.
ومع ذلك، كشفت دراسة حديثة عن جانب غير متوقع للأدوية الشائعة المستخدمة للمساعدة على النوم، حيث وجدت أن أحدها قد يتسبب في تعطيل عملية حيوية تساعد المخ على التخلص من الفضلات الضارة أثناء النوم.
أجرى باحثون تجربة على الفئران لفهم كيفية تفاعل النشاط العصبي خلال النوم مع ما يُعرف بالنظام الغليمفاتي، وهو آلية طبيعية يستخدمها المخ لتنظيف نفسه من الجزيئات غير المرغوب فيها، والتي يُعتقد أنها تلعب دورًا في تطور الأمراض العصبية التنكسية. وأظهرت النتائج أن دواء النوم "زولبيديم"، المعروف تجاريًا باسم "أمبيان"، قد يثبط التذبذبات العصبية التي تدعم هذه العملية، مما يعرقل إزالة النفايات من المخ.
تقول ناتالي هوغلوند، الباحثة المشاركة في الدراسة من جامعتي كوبنهاغن وأوكسفورد، إن النوم يُتيح للمخ التوقف عن معالجة المعلومات الخارجية للتركيز على وظائف الصيانة مثل مراقبة المناعة وإزالة المخلفات. وأشارت إلى أن عدم الحصول على قسط كافٍ من النوم يرتبط بتراجع القدرات الإدراكية وزيادة احتمالات الإصابة بالأمراض العصبية.
للتعمق في آلية التنظيف هذه، استخدم العلماء تقنيات متقدمة لقياس النشاط العصبي أثناء فترات الاستيقاظ والنوم لدى الفئران. وأوضحت الدراسة أن الموجات البطيئة لمادة النورإبينفرين العصبية، إلى جانب تدفق الدم والسائل النخاعي، تتزامن أثناء نوم حركة العين غير السريعة، ما يُنشط النظام الغليمفاتي. وأكدت الباحثة مايكين نيديرغارد، المؤلفة الرئيسية للدراسة، أن هذا النظام يعمل مثل مضخة، حيث تدفع التغيرات الدورية في حجم الدم السائل النخاعي عبر الأنسجة العصبية لطرد الجزيئات غير المرغوب فيها.
لكن عند اختبار تأثير دواء "زولبيديم"، لاحظ الباحثون أنه يُثبط التذبذبات العصبية للنورإبينفرين، مما يُعيق تدفق السائل النخاعي ويعطل وظيفة النظام الغليمفاتي. وأوضحت هوغلوند أن هذه النتائج تُشير إلى أن أدوية النوم قد توفر طريقًا سريعًا للنوم، لكنها قد تؤثر على جودته من حيث الوظائف التجديدية للمخ.
من جانبه، أشار الدكتور كليفورد سيغيل، طبيب الأعصاب في مركز بروفيدنس سانت جون الصحي، إلى أن الفوائد التي توفرها أدوية النوم من حيث تحسين مدة النوم قد تفوق أي آثار جانبية محتملة تتعلق بتراجع الوظائف العصبية. وأضاف أن العلاقة بين النوم والصحة العصبية لا تزال قيد الدراسة، مما يجعل من الصعب الجزم بتأثيرات هذه الأدوية على المدى الطويل.
أما الدكتور بيتر بولوس، أستاذ طب النوم، فقد وصف النتائج بالمثيرة للاهتمام، لكنه شدد على ضرورة إجراء المزيد من الأبحاث على البشر قبل استخلاص استنتاجات نهائية. وأكد أن العلاقة بين النوم وجودته والصحة العصبية معقدة للغاية، ولا يزال هناك الكثير مما يجب اكتشافه في هذا المجال.