*
الخميس: 06 فبراير 2025
  • 06 فبراير 2025
  • 19:05
في حب الأنصار
الكاتب: محمد مرقة

إذا ذُكر البذل والعطاء والإيثار ذُكر الأنصار، وإذا ذكرت الشجاعة والبسالة والفداء ذُكروا أيضًا. فهم السادة النجباء أنصار الله وأنصار نبيه، أكثر الناس عند الفزع وأقلّهم عند الطمع.


كيف لا!؟، وقد فعلوا ما لم يفعله أحد، آووا النبي صلى الله عليه وسلم ونصروه، وقد علموا أن في موالتهم له ونصرهم له، رميُ العرب لهم عن قوس واحدة.


كيف لا!؟ وقد كان الواحد منهم يقاسم أخاه المهاجريّ ماله وما يملك، طيّبة بذلك نفسه. كيف لا!؟ وقد قال مقدّمهم وسيدهم سعد بن معاذ رضي الله عنه يوم أُحد للنبي صلى الله عليه وسلم قبل القتال: "لعلك تخشى أن تكون الأنصار ترى حقًا عليها أن لا تنصرك إلا في ديارهم، وإني أقول عن الأنصار، وأجيب عنهم: فاظعن حيث شئت، وصل حبل من شئت، واقطع حبل من شئت،وخذ من أموالنا ما شئت، وأعطنا ما شئت، وما أخذت منا كان أحب إلينا مما تركت، وما أمرت فيه من أمر فأمرنا تبع لأمرك، فو الله لئن سرت حتى تبلغ البرك من غمدان لنسيرن معك، ووالله لئن استعرضت بنا هذا البحر فخضته، لخضناه معك". وقد صدق وصدق الأنصار معه في أُحد وفي كل المشاهد.


كيف لا!؟، وقد كان بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك الموقف العظيم المهيب، لمّا جمعهم بعد غزوة حُنين - بعد أن عتبوا لمّا أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس من المغانم ولم يعطهم - فقال لهم: يا معشر الأنصار:  "ما قالة ، بلغتني عنكم ، وجِدة وجدتموها عليّ في أنفسكم !؟ ألم آتكم ضلالا فهداكم الله ، وعالة فأغناكم الله ، وأعداء فألف الله بين قلوبكم قالوا : بلى ، الله ورسوله أمن وأفضل . ثم قال : ألا تجيبونني يا معشرالأنصار ؟ قالوا : بماذا نجيبك يا رسول الله ؟ لله ولرسوله المن والفضل . قال صلى الله عليه وسلم : أما والله لو شئتم لقلتم ، فلصدقتم ولصدقتم : أتيتنا مكذبًا فصدقناك ، ومخذولًا فنصرناك ، وطريدًا فآويناك ، وعائلًا فآسيناك . أوجدتم يا معشر الأنصار في أنفسكم في لعاعة من الدنيا تألفت بها قوما ليسلموا!؟ . ووكلتكم إلى إسلامكم ، ألا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير ، وترجعوا برسول الله إلى رحالكم ؟ فوالذي نفس محمد بيده ، لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار ، ولو سلك الناس شعبا وسلكت الأنصار شعبا ، لسلكت شعب الأنصار . اللهم ارحم الأنصار ، وأبناء الأنصار . وأبناء أبناء الأنصار ".
 فبكى الأنصار حتى أخضلوا لحاهم ، وقالوا : رضينا برسول الله قسمًا ، وحظًا.


كيف لا!؟ وقد بايعوا بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم صاحبه أبا بكر الصديق رضي الله عنه خليفة عليهم وعلى المسلمين لعلمهم بأنه خير الناس بعد النبيين في مدينتهم ومسقط رأسهم، ولم يرو لأنفسهم حقًا، بل تسابقوا لبيعة الصديق لمّا قال لهم عمر رضي الله عنه:"أيكم تطيب نفسه أن يتقدم أبا بكر!؟".


والحديث في فضل الأنصار يطول، فحُق للأنصار أن يكون حبهم مجبولًا في قلب كل مسلم، وحق لهم أن يفرح المسلم بحب صادق لهم ينفعه، فقد جاء في الحديث: "المرءُ مع من أحب".

مواضيع قد تعجبك