*
السبت: 08 فبراير 2025
  • 11 يناير 2025
  • 23:48
العلم التركي

خبرني – رصد – في ظل التغيرات الجيوسياسية التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، تسعى تركيا إلى تعزيز نفوذها الإقليمي عبر مجموعة من التحركات التي يرى بعض المراقبين أنها تعكس طموحات "عثمانية جديدة". وتبرز هذه الطموحات بشكل خاص في السياسات التركية تجاه سوريا، حيث تعمل أنقرة على استغلال الأزمة المستمرة في البلاد لتحقيق مكاسب سياسية واستراتيجية على حساب دول الجوار واستقرار المنطقة.
منذ بداية الأزمة السورية، لعبت تركيا دوراً بارزاً ومثيراً للجدل في الشأن السوري. وفي الفترة الأخيرة، صعّدت أنقرة من تحركاتها من خلال إرسال وفود رسمية رفيعة المستوى وطرح عروض لمساعدة دمشق في مختلف المجالات، بما في ذلك الاقتصاد وإعادة الإعمار.
الأكثر لفتاً للانتباه هو عرض تركيا تقديم المساعدة في بناء جيش سوري جديد. ويرى مراقبون أن هذا العرض ليس بريئاً، إذ يمكن أن يؤدي إلى سيطرة تركية غير مباشرة على الجيش السوري، ما يشكل خطراً على استقلال سوريا وسيادتها.
تسعى تركيا، تحت قيادة الرئيس رجب طيب أردوغان، إلى توسيع نفوذها في العالم الإسلامي عبر الترويج لفكرة الإسلام السياسي، وهو ما أثار قلقاً واسعاً بين الدول العربية. وتتهم أنقرة بمحاولة تصدير النموذج التركي إلى الدول العربية، حيث تعمل على دعم جماعات سياسية محسوبة على تيار الإسلام السياسي، مما يعزز الشكوك حول نواياها الحقيقية.
ويشير بعض المراقبين إلى أن التجربة السلبية لجماعة الإخوان المسلمين في مصر تقدم مثالاً واضحاً على المخاطر التي يمكن أن تنجم عن هذه السياسات. فشل الجماعة في مصر وما تبعه من اضطرابات سياسية أدى إلى مخاوف من أن محاولات تركيا لتعزيز الإسلام السياسي قد تؤدي إلى زعزعة استقرار دول أخرى في المنطقة.
لا تقتصر المخاوف بشأن السياسات التركية على سوريا فقط، بل تمتد إلى دول الجوار مثل الأردن. فمع تزايد نفوذ تركيا في سوريا ومحاولاتها لتشكيل حكومة تخضع لسيطرتها، قد تتأثر الدول المجاورة بشكل مباشر. يشكل التواجد التركي في المنطقة تهديداً محتملاً لاستقرار الأردن، خاصة في ظل محاولات أنقرة تعزيز حضورها عبر الأدوات الاقتصادية والدينية.
يعيد المشهد الحالي إلى الأذهان طموحات الدولة العثمانية التي سيطرت لعقود على المنطقة. ويرى البعض أن السياسات التركية الحالية تعكس محاولة لإحياء تلك الحقبة، ولكن بوسائل حديثة تتراوح بين التدخل العسكري والسياسي، والدبلوماسية الاقتصادية، واستخدام أدوات "القوة الناعمة" مثل المساعدات الإنسانية والتعليم.
مع تصاعد المخاوف من التحركات التركية، تتزايد الدعوات بين الدول العربية للتصدي لهذه الطموحات من خلال تعزيز التعاون الإقليمي ومواجهة محاولات أنقرة لفرض أجندتها. ويرى خبراء أن نجاح تركيا في تحقيق أهدافها قد يؤدي إلى تغيير جذري في التوازنات الإقليمية، مما يجعل الحاجة إلى تنسيق عربي مشترك أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى.
تشكل التحركات التركية في سوريا والمنطقة تحدياً واضحاً لاستقرار الشرق الأوسط. وفي ظل غياب توافق دولي حول كيفية التعامل مع هذه الطموحات، يبقى المستقبل مفتوحاً على جميع الاحتمالات.

 

مواضيع قد تعجبك